هل تتجه فرنسا نحو إلغاء الرعاية الصحية الحكومية للمهاجرين غير الشرعيين؟

  • الأستاذ سليم سعدي
  • 2023-05-31
  • تم إنشاء الرعاية الصحية الحكومية عام 2000 في ظل حكومة ليونيل جوسبان، وهي آلية تتكفل بموجبها الدولة بالأجانب، المقيمين بشكل غير نظامي والمتواجدين على الأراضي الفرنسية منذ مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، بنسبة 100٪ عن الرعاية الطبية والإقامة في المستشفى، وتشمل تغطية الأمراض، الأمومة، ولكن أيضا الأطراف الصناعية والعناية بالأسنان أو حتى المعدات البصرية، على أساس تعريفات الضمان الاجتماعي. 
  • يثير اليمين واليمين المتطرف باستمرار مسألة إلغاء الرعاية الصحية الحكومية، والتي يعتبرون أنها آلية تشجع على الهجرة غير الشرعية. وخلال مناقشة مشروع قانون الهجرة الأولي لجيرالد دارمانان خلال شهر آذار/ مارس الماضي، أقر الجمهوريون في مجلس الشيوخ تعديلا يقضي بتشديد هذه الآلية. 
  • بعد ذلك، في تقرير برلماني نُشر في 17 أيار/مايو، عبرت النائب عن حزب "الجمهوريون" فيرونيك لواغي عن قلقها بشأن زيادة تكلفة الرعاية الصحية الحكومية. حيث كتبت في تقريرها عن" تكلفة الرعاية المقدمة للأجانب في وضع غير نظامي" الذي تم فحصه في اللجنة المالية ما يلي: "مع الأخذ بعين الاعتبار تكاليف إدارة الآلية والديون غير القابلة للاسترداد للمستشفيات التي خلفها الأجانب في وضع غير نظامي، تبلغ التكلفة الحقيقية للرعاية الصحية الحكومية حوالي 1.2 مليار يورو في عام 2022. وفي غياب الإصلاح، سيستمر هذا الرقم في الارتفاع خلال السنوات المقبلة". 
  • عدد المستفيدين في ارتفاع 
  • وفقًا للمقررة المختصة في الاعتمادات المالية الخاصة بالصحة، والتي كانت قد أعدت تقريرا عن الرعاية الصحية الحكومية عام 2021، فإن عدد المستفيدين من هذه المساعدة يقدر بنحو 403،144 شخصا في نهاية أيلول/سبتمبر 2022، وهو رقم ارتفع بنسبة 5.9 ٪ مقارنة بعام 2021 وبـ 20.5٪ مقارنة عام 2019. 
  • في تقريرها، دعت فيرونيك لواغي على وجه الخصوص إلى "إعادة توجيه الرعاية الصحية الحكومية نحو الرعاية الطارئة أو، في حالة فشل ذلك، إعادة تحديد سلة الرعاية لإقصاء بعض الإجراءات الطبية"، أو حتى "استبعاد طالبي اللجوء القادمين من بلدان المنشأ الآمنة من إجراءات القبول للإقامة للعلاج". فلسفة تبناها القادة الجمهوريون ضمن توجههم الأخير الهادف لإجبار الحكومة على اقتراح مشروع قانون أكثر حزما بشأن الهجرة. 
  • وفي حين أبدى جيرالد دارمانان، وهو بدوره منحدر من حزب الجمهوريون، انفتاحه على مناقشة المسألة، فإن إلغاء أو تغيير الرعاية الصحية الحكومية غير مؤكد، لأن هذا الملف يقسّم الأغلبية الرئاسية. فالنائبة ساشا هولي، ممثلة الجناح اليساري لحزب النهضة، اعتبرت أن إلغاء هذه الرعاية الصحية الحكومية خطا أحمر. 

 

  • والأحد، خلال دعوته للتعليق على المسألة، ذكر وزير الصحة، فرانسوا براون في تصريح صحافي، بأن هذا الامتياز يمثل أحد "تحديات الصحة العامة". وسئل خلال مداخلة إعلامية "ماذا تعني طوارئ؟ كم من الوقت يعني ذلك؟ هل ستتم معالجة مرض السكري غير المتوازن ونتركه يختل لاحقا؟ّ".
  • أكد الوزير خلال إجابته قائلا إذا انتشر "كوفيد مجددا ولحق الأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة من المساعدة الطبية الحكومية، فلن نعالجهم (...) وسنسمح للمرض بالتطور نحن بحاجة إلى رؤية شاملة للصحة العمومية"، واعتبر في نفس الوقت أنه من "غير المنطقي أن يكون هناك مسالك للقدوم وتلقي العلاج [في فرنسا] للحالات التي يمكن للمرضى علاجها في بلدهم الأصلي".  
  • رئيسة الوزراء إليزابيث بورن نفسها رفضت فكرة أن الرعاية الصحية الحكومية آلية مشجعة على الهجرة خلال النقاش حول سياسة الهجرة في 6 كانون الأول/ديسمبر في الجمعية الوطنية. 
  • وقالت آنذاك "... أريد تبديد آخر تصور خاطئ: لا، الرعاية الطبية الحكومية لا تغذي الهجرة غير النظامية. إنها مسألة حماية وصحة عامة. لا تحفزها هذه الآلية فقط". 
  • خطاب يتماشى مع خطاب المدافع عن الحقوق، جاك توبون، الذي أعرب في تشرين الأول/أكتوبر 2019 عن أسفه لانتشار "التصورات الخاطئة التي تعتبر أن 'سخاء' نظام مثل الرعاية الصحية الحكومية يؤدي إلى تعزيز تدفقات الهجرة غير الشرعية بينما تُظهر العديد من الدراسات أن الحاجة إلى الرعاية هي سبب هامشي تماما للهجرة". 
  • ووفقًا لدراسة المركز الوطني للبحث العلمي التي نُشرت في شباط/ فبراير 2022، فإن الأسباب الصحية لم تذكر سوى لدى 9.5٪ من المهاجرين غير الشرعيين. وقد أشارت فلورانس ريغال، رئيسة منظمة أطباء العالم خلال مقابلة مع صحيفة لو باريزيان نُشرت في 24 آذار/ مارس أن "عدد المستفيدين الحقيقيين 'من الرعاية الصحية الحكومية' أقل بكثير من عدد الأشخاص الذين يمكن أن يستخدموا هذا الحق، لأن نسبة عدم استغلاله تقدر بنحو 49 بالمائة".
  • لكن بعيدًا عن الحقائق، أصبحت الرعاية الصحية الحكومية قبل كل شيء قضية سياسية. بالنسبة إلى جيرالد دارمانان، سيتعلق الأمر بالاستجابة لمطالب "الجمهوريون" لتمرير مشروع قانونه أو عدم تقسيم الأغلبية.

احصل على قصصنا

منا إلى بريدك الوارد كل أسبوع.