تنظيمات مدنية ترصد اختلالات في سياسة فرنسا لمنح "الفيزا"

  • الأستاذ سليم سعدي
  • 2023-02-11
  • أحاطت جمعيات ومنظمات مدنية وحقوقية بموضوع التأشيرات التي تُمنح للمغاربة من جميع جوانبه، كاشفة ما يعترض طالبي "الفيزا" من مشاكل، خصوصا الراغبين في التنقل نحو فرنسا، معتبرة أن السياسة المعتمدة فيها "تمييز ومعاملة مهينة".

وسجل كل من معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، والمنتدى المغربي للصحافيين الشباب، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وحركة بوصلة للمبادرات المواطنة، وجمعية عدالة من أجل الحق في محاكمة عادلة، والوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وجمعية الشباب لأجل الشباب، وشابات من أجل الديمقراطية، ومنتدى الحداثة والديمقراطية، والهيئة الوطنية للشباب والديمقراطية، وجود عوائق عديدة في مسار الحصول على التأشيرة.

في بلاغ مشترك لهذه التنظيمات، اعتبرت أن القرار المتعلق بتقليص 50 % من عدد تأشيرات شنغن على حساب المغاربة، والذي اتخذته الحكومة الفرنسية منذ شتنبر 2021، لم يتم تغييره ونتائجه مخيبة للآمال لاعتبارات سردتها في بلاغها. 

  • وسجلت أنه يتم اللجوء إلى شركة مناولة لتجميع طلبات التأشيرات نيابة عن الإدارة الفرنسية، وهذه الشركة الوسيطة لا تتقاضى أي مقابل من الدولة الفرنسية، بل من طرف طالبي التأشيرات أنفسهم، معتبرة أن الاستعانة بمقدمي خدمات في هذا الإطار يريح الإدارة الفرنسية ويجعل من طالبي التأشيرة يتحملون كل تجاوز وقصور منها. 
  • كما وقفت على وجود تضخم وتعقد الإجراءات، وتعدد الفئات والفئات الفرعية المنظمة، وهو ما يشكل عبئا على مسطرة إجراءات طلب التأشيرة، ويجعلها قديمة ومبهمة وقابلة للاحتيال والتلاعب من أعوان شركة المناولة أثناء معالجة وفحص الطلبات.

وانتقدت دفع ثمن الرسوم الإدارية عند تقديم كل طلب، سواء تم الحصول على التأشيرة أو لم يتم الحصول عليها، بدل أن يكون الدفع في حالة الحصول عليها فقط، في وقت تكون مواعيد دراسة الملفات متفاوتة للغاية ومتغيرة، وآجال الحصول على موعد التأشيرة لا تنتهي، ومعايير الرفض غير مبررة، وبعض حالات الرفض لا تذكر طرق وآجال الحق في الطعن، كما أن عمليات الفحص والتدقيق المتكررة والمهينة التي ألفها بعض طالبي التأشيرات، تمثل إذلالا إضافيا للجميع.

  • وقال البلاغ "بحجة أن الدولة المغربية لا تقوم بما يكفي في ما يتعلق بالعودة الطوعية لمواطنيها ولمواطني عدة دول عبروا أراضيها، انخرطت الدولة الفرنسية في نوع من أنواع المساومة غير المقبولة لا أخلاقيا ولا إنسانيا، ترمي إلى ثني السلطات المغربية عن مواجهة محاولات الابتزاز الرامية إلى تنزيل اتفاقيات إعادة القبول ACR التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي".

هذا الإجراء الذي وصفته بـ"الانتقامي والرجعي"، تقول إنه يقيد حرية تنقل الأشخاص، مشددة على أن "قسوة التصريح تفضح التخوفات من ملف الهجرة لدى الحكومة الفرنسية، واستعدادها لأن تقوم بأي ضغط كيفما كان، على المهاجرين وعلى بلدانهم الأصلية".

"كما أن الدعم الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي، ودول الأعضاء، للمدافعين ونشطاء حقوق الانسان غير متناغم مع سياسات منح التأشيرة التي يطبقها الاتحاد حاليا، بسبب أن المدافعين عن حقوق الإنسان يعانون هم أيضا من هذا الوضع الذي يعيق تنقلهم الدولي لصالح القضايا الإنسانية والكونية المشتركة"، يقول المصدر نفسه.

  • وتابعت هذه التنظيمات قائلة "إذا كان تصريح وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية، كاترين كولونا، في 05 أكتوبر 2022 بمجلس الشيوخ الفرنسي، ردا على سؤال حول تقييد إصدار التأشيرات إلى مواطني الدول المغاربية قد ورد فيه أن الإجراءات التقييدية يتم تطبيقها مع الحرص على إعطاء الأولوية للطلبة ورجال الأعمال والفنانين، إلا أن الحقيقة تكمن في أن تعميم التدابير والإجراءات العنصرية والمهينة لم تسلم منها أية فئة".

وفي هذا الصدد أوردت مثالا، إذ أشارت إلى أنه في غشت 2022 "تعرضت الجولة الأوروبية لمغني الراب المغربي، وهو الفنان الأكثر استماعا على Spotify في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لشبح خطر رفض تأشيرته"، وفي يوم 11 يناير 2022 "عبرت المغنية المغربية الشهيرة منال بنشليخة عن "صدمتها" بعد أن رفضت السلطات الفرنسية منحها التأشيرة".

  • وأكدت أن "رفض منح التأشيرات للفنانين لا ينتهك فقط حق حرية التنقل، بل هو أيضا انتهاك صارخ لحرية التعبير والتلاقح الثقافي بين الضفتين".

وبخصوص شركة TLS، المدبرة لطلبات الحصول على التأشيرات، جاء في البلاغ المشترك أن "الاستعانة بمقدم خدمات خارجي لمعالجة ملفات طالب التأشيرة، لا يضمن بشكل كامل وموثوق حماية وأمن البيانات الشخصية وخاصة البيانات الحيوية (البيوميترية)".

وزادت أن "هذه الإجراءات تنتهك في العمق أحكام القانون 08-09 وتطرح تساؤلات جدية، حول مستوى الموثوقية والأمان لهذه العملية، وأيضا الضمانات المحيطة بحماية البيانات الشخصية الخاصة بطالبي التأشيرات".

ما هو موقف الاتحاد الأوروبي؟

  • يرى المصدر نفسه أن أوروبا "في وضع يمكنها من اتخاذ موقف من هذه الحالة"، مشيرا إلى موقف المفوضية الأوروبية في شأن الميثاق الجديد للهجرة واللجوء، مضيفا أن "مشروع الميثاق ما زال قيد المناقشة، فإن الموقف الأوروبي من هذا الموضوع تم التعبير عنه بكل وضوح، والقراءة الأوروبية للتصرفات الفرنسية العدائية هي متوقعة ومعروفة سلفا".

لكل هذه الأسباب، يضيف المصدر أن "هذا الوضع مذل ومهين للمواطنات والمواطنين المغاربة الذين يتقدمون بطلب الحصول على تأشيرات لدى السلطات الفرنسية"، مطالبا السلطات الفرنسية والدول الأوروبية بإعادة النظر في هذه الإجراءات التي وصفتها بـ"المخزية".

  • واحتجت هذه التنظيمات بشدة على "هذه الأجواء من الانحدار والنكوص إلى الوراء، الذي يعيد إرساء تدابير القمع العنصري ضد المهاجرين وبلدانهم الأصلية في شأن العودة الطوعية"، على حد تعبيرها قبل أن تضيف أنها ترفض "كل أشكال التضييق والممارسات المتسلطة، وكذلك الإجراءات التأديبية والعقابية في مقابل العودة القسرية".

وفي ختام البلاغ المشترك دعت "كل القوى الديمقراطية المناضلة في مجال حقوق الإنسان في المغرب، وفي فرنسا وأوروبا، وفي جميع أنحاء العالم للتحرك والتعبئة للتنديد وفضح هذه السياسة".    

احصل على قصصنا

منا إلى بريدك الوارد كل أسبوع.