قدماء المحاربين بالجيش الفرنسي

  • الأستاذ سليم سعدي
  • 2021-06-15

إن النزعة الاستعمارية التي طبعت السياسة الفرنسية خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين ، ولّدت لدى قادة الإمبراطورية الفرنسية الحاجة إلى توفير قوة عسكرية يقع على عاتقها أداء المهام التي تتطلبها الـمغامرات الاستعمارية داخل وخارج إفريقيا.

وقد ظهر الحديث مبكرا عن مشاريع مختلفة تقضي باللجوء إلى الـموارد البشرية التي تمتلكها الـمستعمرات من أهمها الجزائر.

 تجنيد الجزائريين:

لم تكن طرق التجنيد وأساليبه إجبارية في بداية الأمر ، بل اعتمدت على التطوع مقابل أجرة ضئيلة ، غير أنها كانت مغرية بالنسبة للشباب الجزائري المجرد من مصادر ووسائل العيش وأشرك الجزائريون في عدة حروب استعمارية فرنسية ، كحرب القرم 1854 وحرب الـمكسيك 1860 ، والحرب ضد بروسيا 1870 ، والحملة لاحتلال تونس 1881 ، وحرب مدغشقر 1889 ـ 1900.

ومع ظهور بوادر الأزمة الـمغربية في بداية القرن العشرين واستعدادات الأوربيين للحرب الداخلية، تزايدت حاجة فرنسا إلى تدعيم قوتها العسكرية باللجوء إلى التجنيد الإجباري للشباب الجزائري ، على الرغم من معارضة الجزائريين والـمعمرين على حد سواء. لذلك عينت الحكومة الفرنسية لجنة للتحقيق في إمكانية تطبيق الخدمة العسكرية الإجبارية على الجزائريين عام 1907 ، وقد تبلورت نتائج عملها في مرسوم 17 جويلية 1908 القاضي بإحصاء الشبان الجزائري البالغين 18 سنة.

ولكن الـمسألة بقيت بدون تجسيد على أرض الواقع بسبب المعارضة الشديدة للكولون الذين لـمسوا في الـمشروع خطرا على الوجود الاستعماري ، ومعارضة الجزائريين لاعتبارات سياسية ودينية.غير أن تأزم وتوتر الأجواء السياسية الدولية عجل بصدور مرسوم 3 فبراير 1912 حول تجنيد الجزائريين لثلاث سنوات مع البقاء في فرق الاحتياط لمدة سبع سنوات بعد الانتهاء من الخدمة. وجاء هذا الـمرسوم كتكملة للتجنيد عن طريق التطوع الذي لم يعط نتائج كبيرة ،ثم صدر مرسوم 19 سبتمبر 1913 حول العقوبات الخاصة بقانون التجنيد الإجباري.

وقد توسعت عملية التجنيد الإجباري في سنوات الحرب لتشمل كذلك الآلاف من الشباب المجند كيد عاملة مستمرة لخدمة الاقتصاد الفرنسي و دعم المجهود الحربي ، و تمكنت فرنسا من تجاوز محنة الحرب العالمية الأولى بفضل تضحيات عشرات الآلاف من الشباب الجزائريين في سبيل تحرير فرنسا من الاحتلال الألماني . و لئن كانت الإحصاء تختلف من مصدر إلى آخر و من طرف إلى آخر ، إلى أنها تجمع على أن نسبة القتلى من الجزائريين في الحرب الكبرى قد بلغت 30% من مجموع المجندين في الفترة 1914-1918 بينما شكل عدد الجرحى بنسبة 50% من المجندين الجزائريين الذين بلغ عددهم 5600.

وعلى الرغم من سكوت صحافة المستعمر ، وامتناع المؤرخين الفرنسيين عن إبراز تضحيات الجزائريين في سبيل إنقاذ فرنسا وشعبها ، فإن بعض الأصوات داخل فرنسا قد دعت إلى ضرورة منح بعض المكافآت السياسية والاجتماعية المحدودة للجزائريين .

غير أن فرنسا الاستعمارية كعادتها ، لم تستجب لـمطالب الجزائريين إلا جزئيا ، و تمثل ذلك في الإصلاحات 24 فيفري 1919 لم ترقى إلى مستوى طموحات الجزائريين الذين أصيبوا بخيبة أمل عميقة ، جعلتهم يتيقنون من أن النظام الاستعماري الفرنسي لن يمنحهم حقوقهم مهما كانت ضخامة تضحياتهم و  يتمثل ذلك في منح بعض المكافآت السياسية والاجتماعية المحدودة مثل:

-        بطاقة قدماء المحاربين

-        التقاعد الخاص بقدماء المحاربين

-        شهادة الاعتراف بالأمة

 بطاقة  المحارب : 

 كل المجندين المشاركين إلي جانب الجيش الفرنسي في مختلف الحروب التي خضتها فرنسا بمثابة قدماء المحاربين des ancien combattan  و يتم تحديد هذه الهوية من خلال منح بطاقة المحاربcarte de  combattant  و التي هي بمثابة اعتراف رسمي لهذه الفئة.

الناحية القانونية: 

المادة 253L   من القانون المتعلق بالمنح العسكرية و ضحايا الحروب الفرنسية تضمن الحق لكل من يثبت  خدمته العسكرية.

تمنح هذه البطاقة  طبقا للقانون الصادر يوم 19 ديسمبر 1926 بالنسبة  لقدماء المحاربين من أصل شمال إفريقيا طبقا للمادة 104474 الصادر يوم 09 ديسمبر 1974 . كما أن المواد المتواجدة في المادة 224و المادة 229 من نفس القانون تنظم  الشروط وإمكانيات و كيفية الحصول عليها .

الشروط:

لقد وضعت شروط و قوانين و التي من خلالها يتم تحديد الأشخاص ذو الحق لاكتساب هذه البطاقة  و من بين هذه الشروط نجد:

إمضاء مدة لا تقل عن 90 يوم في وحدة عسكرية .

أن يكون المحارب قد تمت إصابته في ميدان القتال.

أن يكون المحارب حاصل علي وسام عسكري أو وسام الاستحقاق.

أن يكون قد شارك في الحرب العالمية الأولي أو الثانية.

 التقاعد الخاص بقدماء المحاربين:

كل من تتوفر فيه صفة قديم المحارب و التي يتوجب عليه إثباتها عن طريق الحصول علي بطاقة المحارب يملك الحق بالمطالبة بالتقاعد المبرمج تحت غطاء قانون المنح العسكرية الفرنسيومن الناحية القانونية فان السلطات الفرنسية أصدرت عدة مراسم وقوانين منذ سنوات الخمسينيات للأجل الاستفادة من  هذه المنحة، وقد تم تعديل هذه القوانين تدريجيا  و نجد علي سبيل المثال: المرسوم 58-1374 1958 -12-30 البند 21 والذي تمت الإعلان عنه في الجريدة الرسمية الفرنسية يوم 31 ديسمبر 1958. والذي يضمن لكل حملي بطاقة المحارب والذي تتوفر فيه الشروط المذكورة في المادة ل 256 أو المادة ل 256 الحصول علي التقاعد الخاص بقدماء المحاربين،ويعتبر هذا المرسوم بالأهم  من الناحية القانونية  للحصول علي هذه المنحة.  

شهادة الآعتراف بالأمة:

المادة د 266-1  المعدلة بالمرسوم رقم 2001-362 ليوم 25 أفريل 2001 والبند الأول والذي تمت نشرها فى الجريدة الرسمية الفرنسية يوم 27 أفريل 2001 تمنح شهادة الاعتراف بالأمة لكل من شارك في أحد الحروب التي كانت فرنسا طرفا فيها وذلك بعد تقديم طلب رسمي من طرف المعني بالأمر وتخول الصلاحية للوزارة المكلفة بقدماء المجندين وضحايا الحرب  شريطة أن يكون المعني بالأمر يمتلك بطاقة قدماء المحاربين وتمنح هذه الشهادة لكل من شارك في الحروب التالية :

- الحرب العالمية الأولي 1914-1918.

- المشاركين في الفترة ما بين 1918-1939.

- الحرب العالمية1939 -1945.

- للمحربين المشاركين في تونس ما بين 1952-1962.

- للمحربين المشاركين في المغرب 1953-1962.

- للمحربين المشاركين في الجزائر 1954-1962.


يمكنكم أيضا متابعته على 

على الفيسبوك: على هدا الرابط

على اليوتوب  :علي هدا  الرابط

علي الميل:على هدا الرابط

أو الدخول الى منتدى sana-assistance وطرح جميع أسئلتكم المتعلقة بالهجرة، وسنجيب عليها في أقرب وقت ، حيث يمكنكم التواصل معنا بسهولة أكثر علي :على هذا الراط


احصل على قصصنا

منا إلى بريدك الوارد كل أسبوع.